ببساطة.. أنا المواطنة الموقعة أدناه أوجه رسالة بسيطة ومباشرة إلى المشاركين في الحوار الوطني ، أتمنى له كل النجاح ، وآمل أن يغير ولو شيئا بسيطا من الوضع المتأزم الحالي، ولكن أتصور أنه يجب توافر بعض الشروط لضمان نجاحه.
أول الشروط : وجود إرادة سياسية حقيقية وجادة فى التغيير.. نابعة من الإحساس بأن الوضع الحالى يحتاج أن يشارك الجميع فى الوصول إلى حلول تنقذ سفينة الوطن من الجنوح إلى ما لا يحمد عقباه وأن مستقبل الوطن مسؤولية مشتركة بين الحكومة وكل أطياف المجتمع .. ذلك واقع يفرض نفسه علينا ولا بد للمسؤولين أن يدركوا حساسية الوضع ولا بد للتحرك أن يكون سريعا ومسؤولا وقابلا للتشاور والتعاون!
إذن بدأ الحوار لإعطاء الفرصة أن يدلى الجميع برأيهم كل في اختصاصه وعلمه، لننهض من عثراتنا الكبرى وأهمما الأزمة الاقتصادية الخانقة والتى ستنفجر فى وجوهنا منها كل المشاكل والكوارث، وقد أوضحت تبعاتها لنا الأمثلة الشعبية وهي خير محذر "ياواخد قوتي .. ياناوي على موتي" وتهاجمنا تبعاتها السياسية والاجتماعية، ثم تأتي التحدايات الثقافية والتنويرية التى تكمل منظومة الإصلاح الشاملة.
ثانيا: هل تريدون حقا الاستماع للآخرين، خوفا على وطن وصل حافة هاوية، مع الاعتراف أن الوطن لايتقدم بالصوت الواحد المؤيد - مهما كانت العواقب - ولا بأصحاب المصالح الذين يحددون بوصلتهم حسبها!
وطبعا ذلك يدفعنا إلى الطلب الثالث.. طلب الأمان التام للمتحدثين، فالاهتمام بالشأن العام لن يجعلنا من هم ملكيون أكثر من الملك ندفع ثمنه، فلكى يظهروا ولاءهم للنظام يعصفون بأصحاب الآراء المخالفة، أو لنكن أكثر صراحة، للآراء المعارضة للسياسة العامة والذين يرون أنه كان يجب أن تتجه الدولة لقرارات أكثر رشادة فى كثير من الأمور، خصوصا الوضع الاقتصادي المزري بعد اتفاقيات الصندوق والتي عصفت بالجنيه المصري حتى ألقت بالكثير من الطبقة الوسطى إلى هاوية "عزيز قوم ذل".. وضع تحت تلك العبارة ألف خط!
هل استفادت الدولة بعزوف الأغلبية عن الشأن العام على أساس أنها تعرف مصلحة المواطن أكثر منه؟ ونسوا أن الكثيرين من المتخصصين والمؤهلين ممن تم تجاهلهم كانوا قادرين على المساعدة بعلمهم إلا أن أهل الثقة كانوا حاضرين بشدة فى الاختيار، وكانت النتيجة التي نراها اليوم!
اما نواب الشعب فحدث و لا حرج.. اختيار الكثير منهم جاء بمواصفات خاصة، شكلت القوائم باغلبية مطلقة ليفرضوا علينا مجموعة معينة دون إتاحة الفرصة للاختيار الفردي، وقد اشتكى كثير من المتخصصين من ذلك، وتم تجاهلهم فوجدنا للأسف نوابا لم يراعوا أو يفهموا أن دورهم الأساسي أن يكونوا صوتا للشعب، مع القيام بالتشريع العادل الذي لا يميل إلى جهة أو فئة معينة، والمراقبة والمحاسبة حتى لا يسىء الأدب من أمن العقاب؟ فهل نرى ذلك على أرض الواقع ، لا. إلا من رحم ربي!
ابتعدنا نحن البسطاء عن الاهتمام بالسياسة بعد الثورة وتبعاتها الحزينة، ولكن عاد الناس للاهتمام بها بعدما وصلت إلى أعتاب بيوتهم بقرارات أفقرت الكثير منهم وبدأوا يتساءلون أين مكمن الخطأ، وما هى الأسباب الداخلية المسؤولة عن ذلك أو الخارجية والتى يرجعون لها كل شيء، كما تساءل عمرو موسى فى كلمته عن جدوى فقه الأولويات فيما نراه من مشروعات، كانت هناك أولويات أهم منها فى تلك المرحلة كالتصنيع و الزراعة ومياه نهر النيل!
ثم نأتى لمبدأ الشفافية فى محاسبة المسؤولين، الغائب الى حين ميسرة، إلا من شذرات هنا وهناك ونضيف عليها تساؤلا عن أسس اختيار المسؤولين الذين نرى البعض منهم، بعد شهور قليلة، متهمين بالفساد.. أين الجهات الرقابية؟
المواطنون البسطاء العاديون والذين أتكلم كواحدة منهم يتساءلون: لماذا تنتهج الحكومة نفس السياسات الفاشلة وتتوقع نتائج مختلفة؟، بل وللعجب تنتظر نتائج مبهرة.
تكلم الجميع عن أهمية التعليم والصحة لتقدم الأمم، ومع ذلك مازلنا نسمع من يفتى بمنع الاطباء من الهجرة بالقهر، بدلا من تحسين ظروف العمل والأجور، وهذه هى العقلية التى تدير البلد من مجلس الشعب. أما التعليم فحدث ولا حرج، سياسات تتبدل وتتغير كل حين على غير أسس، مع ترك المعلم يقتات الفتات إذا ماقرر أن يترفع عن الدروس والسناتر، أما نقص المعلمين مع رغبة الآلاف فى العمل فلم أفهمها حتى اليوم، ولا تقولوا لى نقص الميزانية، فما يحتاجه التعليم يحرم على بقية المشروعات لأنه أساس قيام الدولة ونهضتها ومستقبلها!
كلمونا عن التفكير خارج الصندوق وأهميته، وأنا أجيب، مع أن مطالب الصندوق الماضية لم تنفذ، فلنبدا بها أولا.
مالها الشفافية وحق الحصول على المعلومات، على الأقل بالنسبة للإعلاميين، حتى يعرف الشعب كل الحقائق.. فيطالب بمحاسبة كل فاشل وفاسد.. ذلك مثال بسيط قبل أن تتجه قلوبنا المحرومة والمتلهفة لضوء أمل، فنطالب بدولة مدنية ديموقراطية وتداول سلمى ديموقراطى للسلطة كما طالب عمرو موسى فى كلمته، مع إغلاق ملف العار المتمثل في الحبس الاحتياطي والذي يعيرونا به في المحافل الدولية كجريمة ضد حقوق الإنسان، كما أعلنها د. حسام بدراوى وطالب بعلاقة آمنة بين المعارضين والمسؤولين، لأن كليهما يتمنون الإصلاح للوطن، كما أعلن فريد زهران فى كلمته.
سقف الحوار الوطنى، على حد ما أعلن، من المفروض أن يكون عاليا، يستمع للجميع من أجل بلدنا ونبتعد عن الصوت الواحد، مهما كانت نيته طيبة وقصده شريفا، فما خاب من استشار، لأن حياة المواطنين ومستقبل أولادهم على المحك.. فسفينة الوطن فى وضع متأزم، فلنتعاون جميعا من أجل النجاة، خيرا من أن نغرق جميعا حتى لو نجا منا أصحاب الطائرات الخاصة.. فليس كثيرون يملكونها وسيكون الشعب لهم بالمرصاد!
-------------------------------
بقلم: وفاء الشيشيني